الرجاء الانتظار
الرجاء الانتظار
أی بُنَی، إِنِّی وَإِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِی، فَقَدْ نَظَرْتُ فِی أَعْمَالِهِمْ، فَكَّرْتُ فِی أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِی آثَارِهِمْ، حَتَّی عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ; بَلْ كَأَنِّی بِمَا انْتَهَی إِلَي مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَی آخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْر نَخِیلَهُ، وَتَوَخَّیتُ لَكَ جَمِیلَهُ، وَصَرَفْتُ عَنْكَ مَجْهُولَهُ، وَرَأَیتُ حَیثُ عَنَانِی مِنْ أَمْرِكَ مَا یعْنِی الْوَالِدَ الشَّفِیقَ، وَأَجْمَعْتُ عَلَیهِ مِنْ أَدَبِكَ أَنْ یكُونَ ذَلِكَ وَأَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ وَمُقْتَبَلُ الدَّهْرِ، ذُو نِیة سَلِیمَة، وَنَفْس صَافِیة. وَأَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِیمِ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَأْوِیلِهِ، وَشَرَائِعِ الاِْسْلاَمِ و أَحْكَامِهِ، وَحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ، لاأُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلَی غَیرِهِ. ثُمَّ أَشْفَقْتُ أَنْ یلْتَبِسَ عَلَیكَ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِیهِ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَ آرَائِهِمْ مِثْلَ الَّذِی الْتَبَسَ عَلَیهِمْ، فَكَانَ إِحْكَامُ ذَلِكَ عَلَی مَا كَرِهْتُ مِنْ تَنْبِیهِكَ لَهُ أَحَبَّ إِلَی مِنْ إِسْلاَمِكَ إِلَی أَمْر لاآمَنُ عَلَیكَ بِهِ الْهَلَكَةَ، وَرَجَوْتُ أَنْ یوَفِّقَكَ اللهُ فِیهِ لِرُشْدِكَ، وَأَنْ یهْدِیكَ لِقَصْدِكَ فَعَهِدْتُ إِلَیكَ وَصِیتِی هَذِهِ. --- مقطع أخر من وصية أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب لابنه الامام الحسن عليهما السلام... من أخر الأعمال التي أنتجت بصوت الأستاذ بشير الجزائري و طبع عليها هذا الصوت الخالد الشجي... من انتاج قناة الثقلين 2016